فتاوى في الطهارة الشرعية وموجباتها
الفصل السابع التيمم وشروطه
التيمم هو: التمسح بالتراب الطيب بنية رفع الحدث رأس> ؛ ودليله قول الله -تعالى- رسم> يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ قرآن> رسم> وذلك لأن الماء الذي يستعمل في رفع الحدث قد يفقد في الأسفار والقفار، ويشق على المسافر حمله في السفر الطويل، وإذا حمل الماء أمسكه للشراب والأكل، فأباح الله له الطهارة بالتراب، من باب الامتثال. وهو من خصائص هذه الأمة؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- رسم> أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي... جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة صلى حيث كان متن_ح> رسم> الحديث .
وله شروط رأس> (أولها) دخول الوقت، فلا يتيمم قبل الوقت للفريضة، ولا في وقت النهي للنافلة، والدليل قول النبي -صلى الله عليه وسلم- رسم> فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فعنده مسجده وطهوره متن_ح> رسم> ؛ فدل على أنه لا يتيمم حتى تدركه الصلاة، أي يدخل عليه وقتها؛ وعلى هذا فيلزمه أن يتيم لكل صلاة صلاها في وقتها، وإذا تيمم صلى بذلك التيمم فروضا ونوافل، حتى يدخل الوقت الثاني، أو يخرج وقت التي توضأ لها.
(الشرط الثاني) عدم الماء؛ لقول الله -تعالى- رسم> فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا قرآن> رسم> فإن كان الماء موجودا لم يصح التيمم، والمراد الماء الطهور الزائد عن حاجة أهله، فإن وجد ماء نجسا تيمم وتركه، وإن كان معه ماء قليل حبسه للشرب، والطبخ ونحوه، و لم يلزمه استعماله؛ مخافة العطش، والضرر الذي لا يقدر على دفعه؛ فإن الوضوء له بدل بخلاف الشرب ونحوه.
واشترط بعض الفقهاء (شرطا ثالثا) وهو طلب الماء؛ لمفهوم قوله -تعالى- رسم> فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً قرآن> رسم> ؛ حيث يفهم أن المعنى طلبتم الماء ولم تجدوه. والطلب أن يبحث في رحله، ويتفقد ما حوله، فإذا رأى خضرة يظن أن حولها ماء من المطر، أو عندها نهر أو بئر لزمه البحث هناك، لكن الراجح أنه متى تحقق وعلم عدم الماء -بحكم معرفته لذلك المكان، وأنه ليس موضع إمساك للماء ولا يعهد فيه آبار ولا سكان- فلا حاجة إلى الطلب أو التنقيب.
فإن عدم الماء في الحضر ولم يستطع الحصول عليه بثمن مثله، أو بعمل بدني لتحصيله جاز له التيمم، فإن وجده بثمن لا يقدر عليه، أو في بئر ولا دلو معه، ولم يستطع النزول إلى الماء في البئر، فهو كعادم الماء. ثم إذا طلب الماء ولم يجده فصلى بالتيمم ثم وجد الماء بعد الصلاة لم يلزمه إعادة الصلاة؛ لأنه قد فعل ما يلزمه، فبرئت ذمته، فإن وجد ماء قليلا غسل نه بعض أعضائه ثم تيمم للباقي، وإن وجد الجنب ماء قليلا توضأ به وغسل بالباقي بعض جسده كرأسه، وعنقه، ثم تيمم لباقي جسده حتى يجد الماء فيغتسل به.
ثم إن التيمم على الصحيح يرفع الحدث رفعا مؤقتا؛ لحديث أبي ذر اسم> -رضي الله عنه- قال: قال رسول -صلى الله عليه وسلم- رسم> الصعيد الطيب طهور أحدكم وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليتق الله وليمسه بشرته، فإن ذلك خير. متن_ح> رسم> رواه أحمد اسم> وأهل السنن (2)، وصححه الترمذي اسم> حديث> وهو دليل على أنه يصلي بالتيمم حتى يجد الماء وإن طالت المدة.
ويجوز التيمم للمريض الذي يعجز عن استعمال الماء، أو يشق عليه الوصول إليه، ولا يجد من يناوله الماء، أو يصب عليه؛ لقول الله -تعالى- رسم> وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ قرآن> رسم> - إلى قوله- رسم> فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا قرآن> رسم> الآية.
وإذا أقبل على الماء، أو ظن أن يجيء من أرسله للاستقاء؛ فإنه يؤخر الصلاة حتى يصل الماء فيتوضأ به، فإن خاف خروج الوقت قبل الوصول إلى الماء فله التيمم والصلاة به، فإن صلى في أول الوقت يظن عدم الماء أو بعده، ثم وجده الماء بعد الصلاة لم يلزمه أن يعيد؛ ففي حديث عطاء بن يسار اسم> رسم> خرج رجلان في سفر، فحضرت الصلاة وليس معهما ماء، فتيمما فصليا، ثم وجدا الماء في الوقت، فأعاد أحدهما، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- للذي لم يعد: أصبت السنة، وقال للذي أعاد: لك الأجر مرتين متن_ح> رسم> رواه بعض أهل السنن مرسلا وموصولا . حديث>
مسألة>